ليس باليسير أن نضع صيغة لمرحلة انتقالية، خاصة في مجتمع طمست هويته طمسا حتى لم يبق لأبنائه إلا قليل طموح في رؤيته منسجما قادرا على بناء دولة، في مجتمع أصبح يشكك في كل نية إصلاح، بل يخشى أي تغيير، من فرط وقوعه في الفخاخ و المصايد التي تنصب له من القريب و البعيد على حد سواء. إلا أن المرحلة الحالية تقتضي أن ندع جانبا الأنانية المفرطة أولا ثم الخوف من التغيير و الخوف من الخطأ و الخوف من الفشل و الخوف من الرأي الآخر و لو كان الضدَّ ذاتَه، ثم نمضي حقبا محاولين البحث عن المخرج من الأزمة المركبة التي كثرت طفراتها و لن يزيدها خوفنا هذا و أنانيتنا إلا تحولا و تعقيدا.
إن الواقعية تتطلب النظر أولا في التجربة الانتقالية الوحيدة التي خضناها معا، فالجزائر لم تعرف منذ استقلالها حراكا سياسيا كالذي شهدته بين سنتي 1989و 1992، كان يبدو في البداية أن تجربة ديمقراطية فريدة تتطور و تتشكل ملامحها، كانت كمركبة تسير – بتسارع معقول- على أرض معبدة، و لكن سرعان ما ارتفعت وتيرة سيرها و ازداد تسارعها إلى أن فقدت توازنها عند منعرج خطير فهوت في ركن سحيق. إن الأطراف المتنازعة على المقود و التي تسببت في الانزلاق لابد أن تفصح عن ملابسات الصراع، و ما تمخض عنه من مناورات و مهادنات، و ما أسفرت عنه هذه و تلك، لا للرجوع إلى المحاسبة و العتاب و لكن ليتيسر للجميع الحكم على هذه التجربة و استخلاص ما يمكن استخلاصه منها من عبر و دروس، و الأهم من ذلك هو أن نستثمر إيجابيات هذه الفترة إلى أبعد الحدود و أن لا نقع في ذات أخطاء الماضي فنعود إلى المربع الأول و تخرّ قوانا سدى.
أما اليوم فإن الساحة السياسية الجزائرية تبدو – إذا نظرنا إلى الأحزاب ” الكبيرة”- في حالة فوضى تجعل العمل السياسي أقرب إلى التخبط منه إلى أي شيء آخر، و تبدو في حالة ركود و جمود إذا نظرنا لباقي الأحزاب، و عليه وجب اليوم أن نوحد الجهود لترتيب البيت من الداخل، و ترتيب البيت يتطلب جهود الجميع بلا استثناء و لا إقصاء. و لا يعني هذا أنه يجب علينا الاتفاق على كل شيء و لكن يجدر بنا على الأقل أن نجلس – خلال فترة انتقالية – إلى طاولة حوار واحدة بلا شروط، نفتح خلالها بابا لطرح وجهات النظر بطريقة واضحة، عقلانية و حضارية. و الطريقة الأمثل حسب تصوري تتلخص كما يلي:
أولا، تجتمع الشخصيات التاريخية التي يجمع الجزائريون على نزاهتها و تفانيها في خدمة الوطن لتشكل مجلس الشورى الذي يَنتخِب رئيسا للدولة من بين أعضائه و بأغلبية الثلثين (أقترح أن يكون رئيس الدولة في المرحلة الانتقالية هو السيد حسين آيت أحمد) ، تنتهي فترة رئاسته بانتهاء المرحلة الانتقالية التي تبدأ بانتهاء عهدة الرئيس الحالي و تمتد لسنتين قابلة للتمديد سنة واحدة، و ليس له الحق في الترشح بعدها.
يقوم رئيس الدولة – بالتشاور و التعاون مع مجلس الشورى – بتعيين حكومة انتقالية (أقترح أن يرأس الحكومة الانتقالية السيد مولود حمروش) تتولى الشؤون الإدارية للدولة خلال المرحلة الانتقالية، و تنهض بمسؤولية الاعداد لانتخابات رئاسية و برلمانية تجرى في شهر أبريل سنة 2016 أو سنة 2017 إذا تم تمديد المرحلة الانتقالية.
ثانيا، يُشكَّل مجلس التشريع و المراقبة و تدخله الأحزاب – المعتمدة و تلك التي رفض اعتمادها إضافة إلى الحزب المحل- كتحالفات لا فرادى بتشكيلات تتكون من خمسة ممثلين، كما يمكن للجيش أن يساهم في هذا المجلس بتشكيلة يختارها، فالجيش في الجزائر – شئنا أم أبينا- كان و سيظل فاعلا سياسيا، فالأجدر أن يساهم في اللعبة السياسية خلال المرحلة الانتقالية راضخا لقوانينها لا متعاليا عليها، أما إذا اختار أن يبقى خارجها فلا يحق له بعد ذلك أن يتدخل في الشأن السياسي لأي سبب من الأسباب إلا في حدود ما يسمح القانون به.
توكل إلى هذا المجلس مسؤوليات ثلاث: مراقبة عمل الحكومة الانتقالية، سن القوانين اللازمة للسير الحسن للمرحلة الانتقالية، و صياغة ثلاثة مشاريع دساتير للبلاد خلال مدة لا تتجاوز ثمانية عشر شهرا، يكرس أحدها نظام الحكم الرئاسي، و الثاني النظام البرلماني و الثالث النظام شبه الرئاسي، و تقدم جميعها للاستفتاء الشعبي بعد أن يصادق عليها مجلس الشورى بالأغلبية.
ينتفي أثر القوانين التي سنها مجلس التشريع و المراقبة بانتهاء المرحلة الانتقالية إلا إذا وجد ما ينص على خلاف ذلك، و ينسحب الجيش من الساحة السياسية وجوبا.
ثالثا، تشرف على مراقبة جميع الانتخابات هيئة قضائية مستقلة (أقترح أن يترأس هذه الهيئة السيد علي بن فليس)، تشكل النواة لسلطة قضائية مستقلة مستقبلية تهتم مباشرة بعد انقضاء المرحلة الانتقالية بالنظر في قضايا الفساد التي استشرت في البلاد، و القضايا العالقة منذ العشرية الدموية و المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان أساسا بما فيها ملف المفقودين الذي يمثل شرخا للصف الوطني و قنبلة موقوتة تكاد تنفجر فلا تبقي و لا تذر.
هذا تصوري للفترة الانتقالية التي أعتقد متواضعا و دون أن أدعي كمالا في تصوري، أن من شأنها أن تكون مخرجا من عنق زجاجة الأزمة المركبة التي أقعدتنا طويلا و باعدت بيننا و شتتت شملنا و أنستنا أننا حملة أمانة الله و أمانة الشهداء و أمانة الأجيال القادمة، ننفذ من خلال هذا المخرج إلى وطن رحب يسعنا جميعا، و يحتاج إلى عقولنا جميعا و سواعدنا جميعا، نبنيه معا مخلصين متفانين.
أنا اثنان في واحد كجناحي سنونوة..
إن تأخر فصل الربيع اكتفيت بنقل البشارة
من قصيدة “أنا من هناك” للراحل محمود درويش
مجهود فكري رائع لتصور يمكن له أن يحل المشكلة، طلبي أن يكون التحليل أعمق …………………….. و أنا ضد أن يدخل الحزب المحل هذا العراك لأنه أثبت من قبل فشله الذريع بنبذه التشكيلة و / أو التركبيبة المجتمعية الجزائرية
أولا، شكرا على المجاملة. ثانيا، أعتقد أنك يا ناسج الكلام تقترف ذات الخطأ فأنت إذ ترفض الحزب المحل تنبذ أحد مكونات النسيج المجتمعي أو التركيبة المجتمعية الجزائرية، و مهما يكن في نفسك فإننا نعتقد أنك لم تحسن فهم سر افتتاحنا بالآية التي افتتحنا بها المقال الأول و الني نعتبرها أساس كل حوار بين الإخوة الفرقاء.
I suggest removing the part that refers to allowing the army’s participation in the transitional period. Under what pretext would they take part. If a general wants to play politics oraybe get involved in business or trabendo or other activities, they can resign their position in the army and do what they want. Leave politics to the politicians.t
Thanks for your comment amine
We have stated in our article that the army is going to be involved in the transitional period only, and that the political ‘game’ will only start after the transition is finished, which means that the army will no longer be a political player.
But having said that, we must not forget that the army has been an institution deeply involved in politics up to now and this is the reason that makes us think that we cannot and should not eliminate such an important and influential player from the scene during a transitional period, which we see as the real reconciliation process rather than what we have witnessed up to this point.
To put it in others words, the army will not play politics anymore and it has to accept this fact, this acceptance has to be witnessed by all the people and must beconstitutionalised, after which any attempt from the army to get involved in politics will be condemned by ALL within new settings, where new channels of communication can make the people’s voice heard.
سلام الله عليكم
قد طرح سؤال في العشرية السوداء ولا احد استطاع الاجابة عليه ( من يقتل من ) والان السؤال المطروح من يحكم من اخواني ادا عرف السبب بطل العجب تفكيرك رائع في لم الشمل هل ناخد من من انهكو الباذ والعباد ام نستفيق للواقع المرير ام نكمل سباتنا الطويل شيئ وحيد يعيدنا الى مجرى التقدم …… ببساطة العدالة ان لم يكن العدل ساري على الكبير والصغير لن تفم قائمة لاي شيئ في هدا الوجود ………..